طرحت الهزيمة التي تكبدها المنتخب التونسي لكرة القدم مساء الجمعة على ملعب البيت في الخور امام نظيره السوري بثنائية دون رد في إطار الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثانية ضمن الدور الاول لكاس العرب للفيفا المقامة بقطر الى غاية 18 ديسمبر الجاري جملة من الملاحظات الفنية والتكتيكية التي فرضها الأداء الباهت والشاحب للعناصر الوطنية.
ملاحظات تجتمع في حقيقة واحدة وهي ان المردود الذي قدمه المنتخب يسيء لسمعة كرة القدم التونسية ولا يرتقي إلى مستوى منتخب يحتل مرتبة رائدة قاريا وعربيا. هذه الهزيمة المخيبة للامال تملي على المدرب الوطني منذر الكبير ولاعبيه استفاقة عاجلة ورد فعل قوي حتى لا يجد منتخب نسور قرطاج نفسه خارج دائرة الضوء العربي.
ولعل أولى الملاحظات التي افرزتها المباراة تتعلق بالتعامل التكتيكي مع المنافس من قبل المدرب منذر الكبير الذي اختار المواصلة بنفس النهج الفني والتعويل على ذات الاسماء التي خاضت المباراة الاولى متناسيا ان لكل مقابلة حقيقتها وأن منتخب سوريا لا يشبه في طريقة لعبه منتخب موريتانيا وهناك فوارق في خصائص الفريقين وهذا يدل على أن الاطار الفني لم يكن موفقا في قراءته التكتيكية.
كما طرح وضع اسماء ذات وزن هجومي كبير مثل نعيم السليتي ويوسف المساكني وسعد بقير على دكة الاحتياط اكثر من تساؤل الى جانب عدم وجاهة قرار التعويل على غيلان الشعلالي على الرواق الأيسر باعتباره جعل المنتخب التونسي يخسر لاعبا مهما في وسط الميدان ولم يقع استثمار إمكانياته الفنية بسبب سوء الاختيارات وعدم مراعاة قاموس لعبه.
وتزامن الاخفاق التكتيكي بفعل الإختيارات الخاطئة للجهاز الفني للمنتخب التونسي مع حالة من الشرود الذهني للاعبين الذين غابت عنهم الارادة والعزيمة، ولعل لقطة الهدف الاول للمنتخب السوري تقيم الدليل على غياب عنصر التركيز بعد اطناب لاعب الارتكاز فرجاني ساسي في احتكار الكرة ليفسح المجال امام منافسه لافتكاكها منه وتسديدها داخل شباك الحارس فاروق بن مصطفى الذي يتحمل بدوره قسطا من المسؤولية في قبول الهدف بعدما اساء التعامل مع تصويبة اوليفر كاسكاو.
وفشل زملاء ياسين مرياح في رد الفعل بعد الهدف السوري الأول بسبب ارتجالية عملياتهم الهجومية قبل ان تزداد الامور تعقيدا اثر إقصاء لاعب الوسط محمد علي بن رمضان في الوقت بدل الضائع من الشوط الاول بعد استعماله المرفق في وجه لاعب سوري في كرة هوائية مشتركة ليتاكد مجددا ان التحضير الذهني للقاء كان غائبا تماما.
كما دفع المنتخب التونسي ثمن عجزه الهجومي وافتقد اداء الخط الأمامي خلال الشوط الاول الاجتهاد والتنويع واقتصر على التوزيعات الجانبية العالية، بل اطنب اللاعبون في اعتماد كرات هوائية لا فائده منها ولم يجد الدفاع السوري صعوبة في التعامل معها. وقدم كل من فخر الدين بن يوسف وفراس بلعربي مردودا متواضعا جعل البناءات الهجومية تفتقر للابتكار مما يترجم ذلك القصور الهجومي الذي تواصل خلال الشوط الثاني رغم اجتهادات البدلاء.
ان هذه الخسارة الموجعة تفرض من الاطار الفني واللاعبين مراجعة حساباتهم، فالمدرب منذر الكبير مطالب بتعديل الأوتار والاعتماد على أكثر العناصر جاهزية مع الاخذ بعين الاعتبار مقتضيات المقابلة وخصائص المنافس كما ان اللاعبين مدعوون إلى تحمل مسؤولياتهم أمام الجميع والظهور في لقاء الجولة الختامية من الدور الاول امام الإمارات بوجه مغاير من اجل رد الاعتبار في مقام اول لأنفسهم وضمان التاهل إلى الدور ربع النهائي في مقام ثان.