البث الحي

الاخبار : أخبار وطنية

مياه الري زراعة فلاحة

الإجهاد المائي مستمر في الضغط على شريان نمو اقتصاد تونس المرتهن للخارج وتفاهمات الداخل

يرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية، رضا الشكندالي، ان تضرر القطاع الفلاحي جراء نقص المياه في تونس او ما يعرف بالإجهاد المائي يمكن ان يكبد تونس ما بين 3ر0 نقطة و 4ر0 نقطة على مستوى النمو الاقتصادي لسنة 2023 .
وتلقي قراءة الشكندالي لمستقبل النمو في تونس في ظل حالة جفاف مستمرة بها، المزيد من الضوء، على بيان اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي ليوم 22 مارس 2023 والذي اعتبر فيه ان آفاق النشاط الاقتصادي لسنة 2023 لاتزال عدة عوامل خارجية وأخرى داخلية من بينها استمرار الإجهاد المائي.
وارتفع الاجهاد المائي، وفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، الى مستويات مرتفعة للغاية في آسيا الوسطى والجنوبية بما يعادل 5ر76 و 3ر80 في المائة على التوالي ويعد حرجا بدول شمال افريقيا ويصل الى 120 بالمائة.
وتسلط وكالة تونس افريقيا للأنباء « وات »، في حوار مع الشنكدالي الضوء على مخاوف مجلس البنك المركزي التونسي من تأثير الاجهاد المائي على النمو و تبحث في حقيقة تأثير ندرة المياه على النمو وحالات الجفاف التي واجهت تونس سابقا.
وات – مجلس إدارة البنك المركزي التونسي يربط النمو في بعض جوانبه بالإجهاد المائي كيف يحصل الأمر؟
الشكندالي: افضت التغيرات المناخية على مستوى العالم الى نوع من الازمة على مستوى امدادات الغذاء وعلى الإنتاج الفلاحي وخاصة المواد الاستهلاكية التي تحتاجها تونس، ما أدى الى ارتفاع أسعارها خاصة في ظل تراجع الإنتاج العالمي وتضرر سلاسل الامداد للمنتوجات الفلاحية.
وقد أسهمت هذه الظاهرة في ارتفاع الأسعار، وفي تونس ادى ذلك الى تراجع احتياطي البلاد من العملة الأجنبية الى مستوى 95 يوم توريد، وبالتالي فان تونس مطالبة بتوفير المزيد من الموارد من العملة الأجنبية وهو امر زادت من حدته صعوبة التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لتعبئة 9ر1 مليار دولار على أقساط .
وأريد ان أعرّج على مسالة ذات أهمية كبيرة وهي ان تونس، لم تضع ما يكفي من الخطط لمجابهة التغيرات المناخية خاصة وانها من الدول الموردة للغذاء والتي تعتمد في إنتاجها الفلاحي على الامطار وتخزين الموارد المائية في السدود، وبالتالي فان تونس تعول على الموارد المتاحة من المياه لانعاش القطاع الفلاحي ومن ثمة تحقيق نمو اقتصادي من خلال توفير عائدات من تصدير مواد فلاحية على غرار زيت الزيتون والتمور وتحقيق مستويات انتاج، وان لم تكن كافية، من الحبوب.
وأضيف ان الدولة، لم تنظر الى القطاع الفلاحي على انه قطاع استراتيجي ولم تبادر الى وضع الخطط الكافية لمجابهة تغيرات المناخ ونقص المياه، لذا فان الأوان آن، لتنظر الى قطاع الفلاحة من منظور جديد قائم على البعد الاستراتيجي لهذا القطاع .
ويتعين علينا في تونس ترتيب الأولويات، من خلال الارتقاء بملف الفلاحة، الى مرتبه الأولوية القصوى خاصة وأنها تأخرت عن ركب دول كثيرة دفعت قطاع الفلاحة الى مرتبة القطاع الاستراتيجي بعد ازمة كوفيد 19 وتضرر سلاسل الامداد بفعل الحرب الروسية الاوكرانية وليس ادل على ذلك من نسبة النمو السلبية للقطاع الفلاحي سنة 2021 في خضم جائحة كوفيد -19.
ويوجد الكثير من الدول التي تعيش الآن، في وضعية مريحة، بعد ان بادرت الى اعادة نظر في دور قطاعها الفلاحي ورسم سياسات فلاحية جديدة والتمكن من انتاج الغذاء بشكل كاف.
وات : بناء على ما سبق كيف يمكن للإجهاد المائي ان يضغط على شريان الاقتصاد الوطني ؟
الشكندالي: الامر في غاية البساطة، يؤدي الجفاف الى تقلص مخزونات المياه على مستوى السدود، فتعمد الدولة الى سياسة ترشيد المياه من خلال اعطاء الاولوية الى قطاع الشرب بدل ري المحاصيل، الأمر الذى سيدفع نحو نقص في الانتاج المحلي لعدة منتوجات اساسية على غرار الحبوب والخضر والغلال، ويفضي ذلك بالدولة الى توريدها من الخارج بالعملة الصعبة، وهي عملية تنعكس على الموجودات من العملة الصعبة وتستنزفها وخاصة في بلد مثل تونس يترقب اتفاقا مع صندوق النقد الدولي لتعبئة تمويلات اضافية لميزانية الدولة لسنة 2023.
وبالتالي فان مخاوف مجلس ادارة البنك المركزي بشأن النمو الاقتصادي وخضوعه لعدة عوامل من بينها الاجهاد المائي تبقى حقيقية، في ظل نقص مخزونات المياه وانحباس الامطار، ذلك ان انخفاض نمو القطاع الفلاحي في تونس بنقطة واحدة يمكن ان يلقص كامل النمو الاقتصادي للبلاد بما بين 3ر0 و 4ر0 نقطة. ويمكن ان يتسبب ضعف القطاعات الاخرى في مزيد تراجع النشاط الاقتصادي للبلاد ويدفع التوريد المتزايد الى عجز تجاري ما يفضى الى تأزيم الوضعية وتراجع قيمة الدينار التونسي والى تسجيل تضخم المالي.
وات : هل للخروج من بوتقة الازمة من سياسات ؟
الشكندالي: بات من الضروري على الدولة ان تتدخل في القطاع الفلاحي من خلال وضع سياسات للحد من الكلفة ولتامين القطاع ضد الضغوط المناخية والجيواستراتيجية، ولها في هذا المجال عدة خيارات من بينها تخفيض الاداءات المفروضة على القطاع الفلاحي والحرص على ان يذهب الدعم الحكومي الى الفلاح مباشرة والتقليص من الوسطاء والمتدخلين في القطاع الفلاحي.
وتحتم حالة التهرم التي يشهدها القطاع الفلاحي، لا سيما وان 90 بالمائة من العاملين فيه يعدون من فئة الشيوخ، الدفع نحو انتهاج سياسات لتشجيع الشباب للاقبال على ممارسة الفلاحة والعمل على جعل القطاع الفلاحي اكثر مردودية وربحية من خلال اقرار سياسة تقوم على السيطرة على التكاليف.
ويتوجب على صانعي القرار والمهنيين، النأي بقطاع الفلاحة عن التجاذبات السياسية وايجاد ارضية تحفز على فتح القطاع امام الاستثمار الخارجي لمجابهة مشكل تخزين المياه من خلال تاهيل منظومات السدود وتشييد اخرى جديدة لاستيعاب الامطار خلال مواسم الوفرة.
ويمكن لتونس، التي تواجه صعوبات في التمويل الخارجي لمشاريع المياه، في ظل غياب الهامش على مستوى ميزانية الدولة، التفاوض مع البنك الدولي الذي يمول المشاريع الإنمائية ومع بنوك اخرى اقليمية على غرار البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي انضمت اليه تونس خلال شهر ماي 2022 ، للحصول على تمويلات لتعزيز امنها المائي وبالتالي ضمان الانتعاشة الاقتصادية.
وات : هل واجهت مشاكل اجهاد مائي في وقت سابق وكيف آلت الامور ؟
الشكندالي: تاريخيا عاشت تونس ازمة جفاف خلال مواسم 1982 و 1983 و 1984، في عهد حكومة محمد مزالي، وادت سنوات الجفاف الى تراجع المحاصيل وخاصة من الحبوب
ودفعت الازمة البلاد الى توريد حاجياتها واوشكت موارد البنك المركزي التونسي من العملة الأجنبية على النضوب وانتهت الوضعية بتونس الى التفاوض مع صندوق النقد الدولي حول برنامج الإصلاح الهيكلي لسنة 1986.

بقية الأخبار

اتصل بنا

النشرات-الاخبارية

podcast widget youtube

تابعونا على الفايسبوك

spotify podcast widget

مشروع-اصلاح

moudawna

mithek

tun2

talab

maalouma