لفتح نافذة الحياة الثقافية أمام المودعين في الوحدات السجنية وتنمية وعيهم الفكري، تمكن اليوم الخميس، نزلاء السجن المدني بالقصرين، للمرة الثالثة على التوالي، من مواكبة فيلم روائي طويل يحمل عنوان « عصيان » في إطار فعاليات الدورة السابعة لأيام قرطاج السينمائية في السجون، التي دأبت على تنظيمها منذ سنة 2015 الهيئة العامة للسجون والإصلاح بالشراكة مع إدارة مهرجان أيام قرطاج السينمائية والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، في الوحدات السجنية ومراكز الإصلاح.
وقد واكب هذا الفيلم 200 سجين من كلا الجنسين، مع عدد من أبطاله، ومخرجه الجيلاني السعدي، الذي صرح ل(وات) بأنه لأول مرة يعرض فيلما من أفلامه في السجن في تونس بعد تجربة خاضها في أحد سجون فرنسا، مؤكدا أنها « تجربة مهمة جدا وفريدة من نوعها ».
وعن فيلمه الجديد « عصيان »، المرشح ضمن قائمة الأفلام الروائية الطويلة لنيل جوائز أيام قرطاج السينمائية في دورتها 32، قال إنه « فيلم روائي طويل تم تصويره خلال شهر ديسمبر المنقضي فترة حظر الجولان التي فرضتها تداعيات وباء كورونا، وهو يطرح الظروف المتذبذبة التي يعيش على وقعها الشعب التونسي بمختلف فئاته وشرائحه ».
من ناحيته، بين كاهية مدير بالإدارة العامة للسجون والأصلاح ومشرف على الأنشطة الثقافية والرياضية ومنسق أيام قرطاج السينمائية بالسجون، طارق الفني، في تصريح ل(وات)، أن الهدف الأساسي من العروض السينمائية في الوحدات السجنية والإصلاحية هو تقريب الفعل الثقافي من المودعين وترسيخ ثقافة الفرجة لديهم وتدريبهم على الإنصات والحوار البناء، وعلى ثقافة النقاش مع المخرجين، مضيفا أن الفعل الثقافي بالسجون لا يقتصر فقط على العروض السينمائية في إطار أيام قرطاج السينمائية بالسجون، بل هو متواصل على إمتداد السنة من خلال النوادي الثقافية المحدثة بهذه الفضاءات المغلقة.
ومن جهته، قال منسق برنامج السجون بالمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، أمان الله الأسود، في تصريح ل(وات) إن « تكريس حق السجين في الثقافة المكفول بالدستور، هو هدفنا الأول من الشراكة المبرمة بيننا وبين الهيئة العامة للسجون والإصلاح، غير أننا، وبعد التمرس، أصبحنا نطمح من سنة إلى أخرى إلى أهداف جديدة، منها هدف هذا العام المتمثل في جعل المودعين في قلب الحدث وفاعلين أساسيين في أيام قرطاج السينمائية، عبر تمكين عدد منهم من تغطية فعاليات الدورة الحالية لهذا المهرجان الدولي وإنتاج فيلم وثائقي لعرضه خلال حفل إختتام المهرجان، مع تمكين مودعين من 5 مراكز إصلاح من مواكبة عرض سينمائي في مدينة الثقافة ».
وذكر رئيس الإدارة الفرعية لشؤون المودعين بالسجن المدني بالقصرين، ياسين الرباعي، من جانبه، أن السجن المدني بالقصرين أصبح منفتحا على الحياة الثقافية الوطنية والعالمية في سبيل تكريس حق السجين في الثقافة، سواء عبر بعث نواد ثقافية بالسجن أو عبر عرض أفلام سينمائية ضمن الدورة السابعة لأيام قرطاج السينمائية بالسجون، نظرا لأهمية الفعل الثقافي في إعادة إدماج السجين في المجتمع حتى يصبح إنسانا صالحا، موضحا أنه تم تمكين كافة المودعين بالسجن المدني من مشاهدة فيلم « عصيان » داخل غرفهم عبر بث داخلي، مع تمكين عدد آخر من مواكبته بقاعة أعدت للغرض.
وفي تصريحات متطابقة لصحفية (وات) بالقصرين، عبر عدد من المودعين بالسجن المدني بالقصرين عن بالغ فرحتهم بالعروض السينمائية المقامة بمكان سجنهم، مؤكدين أن ممارستهم لنشاط ثقافي من حين إلى آخر من شأنه أن يساعدهم على التخفيف من حدة الضغط والروتين اليومي داخل غرفهم المغلقة، ويساعدهم على صقل مواهبهم وإثراء أفكارهم.