لبوابة الإذاعة التونسية : عبد الستار النقاطي

 حسب العادات والتقاليد التونسية يكون اليوم الاثنين 22 فيفري 2021 فرق الفنان توفيق الناصر حيث وفاه الآجل المحتوم يوم الجمعة 19 فيفري 2021 . بعد أن أقام لفترة في المستشفى العسكري بالعاصمة ، بعد إصابته بذلك المرض الخبيث . ومثلما تمنى صديقنا الفنان توفيق الناصر أن يودع من مقر الإذاعة التونسية التي أفنى فيها عمره مثلما يقال فقد انتدب بها سنة1966 في المجموعة الصوتية إلى أن غادرها بعد أن أحيل على التقاعد الإداري سنة 1996، فقد تم تأبينه يوم السبت 20 فيفري 2021 من قبل السيد نبيل المؤدب المدير المركزي المنسق العام الإذاعات ، بحضور جمع من العاملين في المؤسسة وإطاراتها وأشقاء الفقيد وابنه وثلة من أقاربه إلى جانب لفيف من الفنانين من زملائه وأصدقائه . وحتى يتعرف شباب اليوم على هذا الفنان المخضرم ننشر في « بوابة الإذاعة التونسية » أهم المحطات في حياته الفنية .

هكذا كانت البداية …

ولد توفيق الناصر واسمه الحقيقي )توفيق بوخشينة  (بصفاقس في 3جوان 1937وزاول تعليمه الابتدائي والثانوي بها ، وبدأ نشاطه ضمن نادي الكشافة التونسية « بدارالثقافة والتعاون المدرسي » وغرم في النادي بالموسيقى وتعلمها عند الأستاذ وناس كريم  الذي يعود له الفضل في اكتشافه ، حيث كان يردد دائما( انه أستاذه) …سنة 1948 تحول مع عائلته إلى السكن بالعاصمة فانضم إلى الرشيدية حيث تعلم العزف على آلة العود تتلمذ على يد أساتذة أجلاء أمثال صالح المهدي وخميس ترنان والطاهرغرسة ومحمد التريكي، ثم بدا ينوع نشاطه فانظم إلى « جمعية الرعد التمثيلي » التي تخرج منها كبار المسرحيين على غرار علي بن عياد .وبقي بها ثلاث سنوات وبعد هذه التجربة بدا يتحسس طريقه في العمل ضمن الفرق الموسيقية فعمل في فرقة  » ليالي تونس » ولصاحبها الملحن المستاري العيد ثم فرقة المنار لعازف الكمان الشهير رضا القلعي و » فرقة العصر » لصاحبها عازف القانون حسن الغربي وبعد تلك التجربة اتفق مع صديقه الفنان عزالدين ايدير( أمد الله في أنفاسه) أواخر الخمسينات فرقة « التخت للموسيقى » …

المنعرج الحاسم …

 أما المنعرج الحاسم في حياة الفنان توفيق الناصر، فكان سنة 1966 عندما انتدب بالمجموعة الصوتية التابعة للفرقة الموسيقية للإذاعة التونسية والتي كانت تضم وقتها أسماء بارزة على غرار احمد حمزة ومصطفى الشرفي ومحمد الفرشيشي ومحمد احمد ونعمة وعلية وغيرهم من الأسماء ، وشيئا فشيئا بدأ يتحسس طريقه نحو الغناء الفردي فكانت أول أغنية  بعنوان  » سقيا لعهد غابر » من كلمات الصحفي عبد الحق شريط والحان الفنان سيد شطا وهو مصري أقام طويلا بتونس، ثم أغنية  » يجيك نهاروتتفكرني » ثم كان قصيد  » وداعا لست أهواك » من كلمات الشاعر السويملي بوجمعة تلتها أغنية  » يا اللي أنت غالي علي » من كلمات رضا الخويني والحان محمد احمد …وبعد ذلك عمل الفنان توفيق الناصر في مصلحة الموسيقى ثم رئيسا قسم بالمكتبة السمعية ومنتج إذاعي ثم تقاعد إداريا ولكنه بقي متيما بحبها …

من الغناء إلى التلحين …

ثم خاض تجربة التلحين فلحن للعديد من الفنانين نذكر منهم : علية وزهيرة سالم ومصطفى الشرفي ويوسف التميمي وعزالدين ايدير ومحسن الرايس وصفوة وكمال رؤوف ، كما لحن للأصوات الشابة على غرار آمنة فاخر وسمية الحثروبي ، وقد ترك أكثر من 150 أغنية بين أداء وتلحين .

لكل أغنية حكاية …

وبما أن الفنان توفيق الناصر كان من أصدقائي وكان صاحب روح مرحة حدثني عن أهم أغنية يعتز بتلحينها وأدائها وهي قصيد « إذا مر يوم ولم أتذكر أقول صباحك سكر » الذي كتبه الشاعرالعربي الكبيرنزار قباني وكان الإذاعي القدير صالح جغام (وسيطا ) بينهما فقدمهما لبعض ذات صيف … ولما أداها أمامه وهو يعزف على آلة ، أعجب الأستاذ نزار كثيرا باللحن وشكره .

سفر ولقاءات فنية …

ولم تكن أغنية  » صباحك سكر » هي الوحيدة التجربة الوحيدة بل تلتها تجارب أخرى على غرارأغنية  » جريح » كلمات فائق عبد الجليل وأداء المطرب السعودي الكبير محمد عبدوكما لحن أيضا لمطربين من المغرب والجزائر وليبيا .

نهاية المشوار…

وان كانت بداية مشوار الفنان توفيق الناصر من قسم الموسيقى فان نهاية المشوار كانت في مصلحة الوثائق السمعية  » المعروفة  » بالفونوتاك » حيث عمل كمساعد للإذاعي البشير رجب رئيس المصلحة ، ثم خاض تجربة الإنتاج الإذاعي من خلال برنامج « طول ياليل  »   وحتى بعدما تقاعد إداريا بقي متيما بحب الإذاعة حيث كان يزورها باستمرار وخاصة مصلحة الموسيقى ، كما كان يمارس هوايته الصحفية  في مجلة « الإذاعة والتلفزة  » وواصلها إلى آخر أيام حياته من خلال ركن قار « بجريدة الأنوار » الأسبوعية .