البث الحي

الاخبار : أخبار ثقافية

حمادي بن عثمان

الراحل حمادي بن عثمان لمساته لا تمحي من الذاكرة الموسيقية

  لبوابة الإذاعة  التونسية : عبد الستار النقاطي

فقدت الساحة الثقافية يوم الثلاثاء 16 فيفري 2021 الموسيقار الكبير حمادي بن عثمان  وحتى يتعرف شباب اليوم على هذا المبدع الكبير ننشر لكم في « بوابة الإذاعة التونسية » أهم ما جاء في آخر حوار أجريته معه في ديسمبر 2015 في مجلة الإذاعة … غرامه بالموسيقى بدأ منذ الصغر فقد تسرب له الغرام بها من والده الذي كان من عشاق الطرب الأصيل من خلال استماعه لها عبر الإذاعة. وهو يواصل دراسته في ترشيح المعلمين ، انظم إلى الشبيبة المدرسية اكتشفه الفنان المسرحي توفيق الجبالي الذي كان له ناد للموسيقى وهو عازف ماهر لعديد الآلات  فوجد العديد من الأسماء البارزة اليوم على غرار رؤوف بن عمر ومحمد القرفي وعبد الرؤوف الباسطي والناصر شمام وعلي اللواتي وعبد المجيد الساحلي الكاتب الصحفي المعروف الذي بدا عازفا على آلة – الكمنجة -  وغيرهم…

لتتعرف الأجيال الصاعدة على المبدع حمادي بن عثمان ، فكيف كانت البداية في المجال الموسيقي ؟

 دراستي كانت في ترشيح المعلمين بمعهد ابن شرف  ولكن غرامي بالموسيقى كان عن طريق والدي ، فرغم  انه تاجر في بيع اللحوم وصاحب مقهى ، إلا انه كان يهوى الموسيقى والأغاني والموشحات لفهمي عوض وكان يستمع باستمرار للإذاعة ، فبدأت اهتم بالموسيقى  إلى أن دخلت إلى الشبيبة المدرسية سنة 1964 وقد اكتشفني الفنان توفيق الجبالي الذي أمسى من كبار المسرحيين اليوم ووجدت هناك العديد من الأسماء البارزة اليوم على غرار رؤوف بن عمر وعبد الرؤوف الباسطي ومحمد القرفي والناصر شمام ومحمد إدريس وعلي اللواتي وغيرهم ، مع العلم بان المسرحي توفيق الجبالي يعزف جيدا على آلات الإيقاع ، وكان معنا أيضا عبد المجيد الساحلي وكان – كبيرنا – وهو عازف جيد على آلة الكمان وكنا ننشط ونبحث عن الأشياء التي فيها ذوق سليم و قيم موسيقية عالية سواء موسيقى تونسية أو موسيقى عربية.

المنعرج الحاسم …

متى كانت الانطلاقة الحقيقية ؟

كانت مع مسرحية « جحا والشرق الحائر »وهي مسرحية نقدية  لفرقة الجنوب بقفصة ، حيث وضعت لها اللحن المصاحب سنة 1972 وكان مديرها آنذاك محمد رجاء فرحات ،وقدمناها في المسرح البلدي وجلبت فرقة موسيقية وقدتها أثناء العرض وقد عرضت تلك المسرحية في عدة ولايات تونسية كما عرضناها خارج حدود الوطن في الجزائر والمغرب ولبنان وكندا وكانت المسرحية الحدث في ذلك الوقت ونجحت نجاحا منقطع النظير مما جعلني أتشجع وأقوم بتلحين عديد المسرحيات وفي جرابي اليوم ألحانا ل 40 مسرحية .

وماذا بعد تلك المسرحية ؟

أصبحت أنشط مع عدة فرق مسرحية  … منها فرقة الكاف فرقة صفاقس فرقة مدينة تونس للمسرح والمسرح الوطني التونسي و فرقة القيروان وغيرها من الفرق التي كان مخرجوها يطلبون مني تلحين الموسيقى المصاحبة لأعمالهم المسرحية وكان ذلك يسعدني بطبيعة الحال لان أعمالي أخذت صدى كبيرا …ثم جاءت فترة أخرى هي فترة فرقة مدينة تونس للموسيقى العربية بإدارة الفنان محمد القرفي  بين أواخر السبعينات وأول الثمانينات قدمت فيها عدة الحان وقدت الفرقة أيضا، ثم جاءت فترة الشبيبة الموسيقية التي بدا معها العمل في أول الثمانينات بحفل أقيم على ركح  المسرح الاثري بقرطاج سنة 1983 ، حيث قدمت أول لحن وضعته لأغنية  » يا هوايا  » وهي من كلمات الشاعر عبد الحميد خريف وأدته باقتدار الفنانة ذكرى محمد – رحمها الله –

من التلحين إلى قيادة الفرق الموسيقية …

هل كان ذلك أول لحن وضعته في مجال الأغنية؟

لا… أول لحن وضعته كان لقصيد  » سيمضي الليل  » وهو من كلمات الشاعر سويلمي بوجمعة وأداء لأحمد زروق وتحصلت به على الجائزة الوطنية  في مجال التلحين وقد تم تسجيله مع فرقة الإذاعة وهو موجود في خزينة الأغاني… ثم واصلت المسيرة فلحنت عديد الأغاني للفنانة الراحلة  علية قصيدا بعنوان  » أرجوك لا ترحل  » وهو من كلمات الشاعر عبد الحميد خريف أيضا ، كما لحنت لزهيرة سالم ولطفي بوشناق وصلاح مصباح ونجاة عطية ونول غشام وصابر الرباعي وسنية مبارك وليليا الدهماني وغيرهم وكان ذلك في الفترة الممتدة بين الثمانينات والتسعينات .

متى تمت تسميتك على رأس مصلحة الموسيقى بالإذاعة الوطنية ؟

كان ذلك سنة 1984 بدعوة من المرحوم المنصف بن محمود الرئيس المدير العام للإذاعة والتلفزة آنذاك  وكان رجلا مثقفا ويتميز بحس فني مرهف ، وقد قمنا بجلسة عمل تواصلت لساعات ، قدمت له فيها  رؤيتي لسيرالمصلحة وكيفية الإنتاج فيها ، وبكل صدق وجدت كل الترحاب من مدير الإذاعة آنذاك الأستاذ رياض المرزوقي ومدير التلفزة آنذاك توفيق بسباس ، وقد كانت فترة متميزة اجتهدت وقدمت فيها الإضافة المرجوة وأتذكر جيدا اللقاء الذي جمعني بالمنتج رؤوف كوكة ، ومن خلاله اتفقنا على إعداد مهرجان  أغنية الموسم قبل انطلاق مهرجان الأغنية بثلاث سنوات  وقد بدأت التمارين في مصلحة الموسيقى استعدادا للسهرة الحدث التي احتضنها المسرح الأثري بقرطاج في صائفة سنة 1984امام جمهور غفير جدا و  بمشاركة عدنان الشواشي وصلاح مصباح وشبيلة راشد ومجموعة نيرة من الفنانين والفنانات ولكن ما يؤسفني حقا هو أن أهل الذكر لا يذكرون تلك البداية الايجابية وقد توجت أغنية  » يا اللي تبكي مش كفاية » وهي من كلمات الشاعر عبد الحميد الربيعي والحان عبد الكريم صحابو وأداء صلاح مصباح … توقف قليلا عن الكلام  ثم قال : ولكني لم أواصل في التجربة …

فما هي الأسباب فقد كنت تتكلم عنها بإعجاب ؟

لأني وجدت بعض العراقيل على مستوى بث الأغاني التونسية التي أنتجتها مصلحة الموسيقى سواء كان ذلك  في الإذاعة أو التلفزة ، ولما تأكدت من عدم تطبيق المشروع الذي قدمته ووافق عليه ر.م.ع الاذاعة والتلفزة  وبسبب بعض المضايقات انسحبت بلطف وتحولت لإدارة الفرقة الوطنية للفنون الشعبية سنة 1985 ، وبما أني ابحث دائما على الإضافة حرصت على انجاز  ( 16 لوحة) جديدة صممت من قبل حمادي الغربي  خيرة عبيد الله ومحمود الورتاني والحبيب الطرابلسي وتم تصوير البعض منها في التلفزة التونسية  … وفي السنة نفسها دعيت لإدارة الفرقة الوطنية للموسيقى وقبل البداية في العمل، دعوت ثلة من الملحين والشعراء وهم وقتها في أوج العطاء ، على غرار عبد الرحمان العيادي عبد الكريم صحابو سمير العقربي و محمد علام و محمد صالح الحركاتي و فتحي زغندة  ، كما منحنا الفرصة أيضا لملحين مبتدئين ، وقد أنتجنا العديد من الأغاني مازالت تبث إلى اليوم ، لان الفرقة في نظري هي خلية للإنتاج ، مثلها مثل الإذاعة أو التلفزة أو شركات الإنتاج التجارية عموما ، وهي في نهاية الأمر دعم للفنان حتى يواصل  الإنتاج والإبداع ولا يصاب بالركود ، وقد كان النجاح حليفنا كمجموعة والحمد لله،  وتمكننا من جعل الفرقة تتألق ، كما كونا لجنة لاختيار الأغاني وفيه أسماء عديدة على غرار عبد المجيد بن جدو وعبد الحميد بن علجية وعبد المجيد بن جدو واحمد عاشور وكانت مهمة تلك اللجنة جمع الإنتاج وتوجيهه، ومن هذا المنطلق تألقت الفرقة ونجحت الأغاني التي انتجناها في ذلك الوقت ومازالت تعيش إلى الآن ، لان رهاننا كان على الإنتاج الجيد ، وقد اشتهرت العديد من الأسماء وقتها، على غرار الشاذلي الحاجي ونجاة عطية وصوفية صادق وشكري بوزيان وكريم شعيب وعبد الوهاب الحناشي وأمينة فاخت … لقد كانت فترة مزدهرة جدا  وآمل أن تتكرر تلك التجربة الناجحة… وحتى نعطي الحق لأهله لابد من التذكير إلى أن انطلاقة الفرقة كان على يد الأستاذ عزالدين العياشي وقادها الأستاذ فتحي زغندة ، أما التأسيس فقد كان لوزير الثقافة الأسبق البشير بن سلامة.

على ذكر الفرقة الوطنية للفنون الشعبية ، لقد عرفت نجاحا منقطع النظير في الثمانينات وأمتعت الجمهور بلوحات فنية رائعة شرفت تونس في المحافل الدولية ولكنها اليوم اندثرت فما هي الأسباب ؟

ملاحظتك في محلها، الفرقة اليوم اندثرت لان المسؤولين في وزارة الثقافة وقتها لم يستمعوا إلى وجهة نظري التي قدمتها في تقرير مفصل سنة 1988 ، نصحت أصحاب القرار في الوزارة آنذاك ، بان يتم تطعيم الفرقة من حين لأخر ببعض العناصر الشابة  في الرقص كما الغناء حتى تحافظ على تواجدها واستمراريتا لأنها مكسب وطني هام وهي تجسد في إنتاجها أصالتنا وترثنا التونسي وعاداتنا وتقاليدنا من خلال تلك اللوحات المعبرة التي كانت تقدمها ، وقد كانت محل إعجاب حيثما حلت وأينما عرضت ، سواء  في البلدان العربية أو الغربية  ولكنهم لم يعبئوا بكلامي فكانت النتيجة أن انتهت الفرقة واندثرت… وهي خسارة فادحة لتونس ، والسؤال المطروح على الوزارة اليوم : هل بالإمكان أن يعاد تأسيس تلك الفرقة الرائعة بمقاييس حديثة …؟

من أغنية الموسم إلى مهرجان الأغنية …

هناك محطة هامة في حياتك الفنية والموسيقية هي مهرجان الأغنية الذي انطلق بقوة ولكنه عرف هو أيضا بعض النكسات ، ثم عاد في شكل أخر وتسمية أخرى هي أيام قرطاج الموسيقية ؟

المهرجان انطلق بقوة واستطيع القول أن الفكرة ومثلما أسلفت الذكر أخذت من الحفل الذي أحيته الفرقة الموسيقية للإذاعة التونسية من خلال مهرجان (أغنية الموسم) الذي  أعددته بمعية المنتج رؤوف كوكة وبدعم من إدارتي الإذاعة والتلفزة سنة 1984… أما المهرجان فقد نطلق سنة 1987 ، بدعم من السيد زكرياء بن مصطفى وزير الثقافة آنذاك ، وقد عرفت دوراته الأولى نجاحا منقطع النظير تم فيها تتويج العديد من الأغاني منها على سبيل الذكر لا الحصر أغنية الفنانة  سنيا مبارك  » خل الحزن بعيد عليك » تحصلت على الجائزة الأولى وهي من الحان الفنان رشيد يدعس ومازالت تبث إلى الآن …وكذلك  أغنية أخرى نالت الجائزة الأولى وهي أغنية  « غدار  » أداء الشاذلي الحاجي ، من الحان عبد الكريم صحابو وكلمات الشاعر عبد الحميد الربيعي ، وهي من إنتاج الفرقة الوطنية للموسيقى وغيرها من الأغاني الأخرى …المهرجان كان مكسبا للساحة الفنية ككل وقد كان بمثابة المحرك لها ، إذ يتجند له أهل الميدان من شعراء وملحنين ومطربين ، في إطار التنافس الشريف من اجل الإبداع دون غيره، وتشنيف آذان الجمهور بكلمات معبرة والحان شجية …ولكن عندما استولى  الغرور على بعض الفنانين  وصار تفكيرهم ينحصر فقط في الحصول على  الجوائز تراجع المستوى العام للإنتاج المقدم للمهرجان .

تتويج على المستوى العربي …

وفي الختام ألف مبروك على هذا التتويج العربي بجائزة المجمع العربي للموسيقى ؟

أنا سعيد جدا بهذا التتويج العربي خاصة وان هذه الجائزة تحصل عليها قبلي مبدعون على غرار الأستاذ صالح المهدي والفنان الكبير وديع الصافي والفنانة وردة الجزائرية ، ومثلما أسلفت الذكر سعادتي تكمن في  تتويج أعمالي المتنوعة قي عدة مجالات كموسيقى الأغاني والمسرحيات والمسلسلات والأفلام السينمائية ، وهي تتويج يتجاوزني ليشمل الفنان التونسي بصفة عامة موسيقيين ومطربين وملحنين وشعراء وموزعين وتقنيي الصوت ، أي كامل السلسلة التي تساهم في إنتاج العمل الموسيقي الغنائي … كما أني سعيد أيضا لان هذه الجائزة في مجال تخصصي هي فخر لي ولتونس.

بقية الأخبار

اتصل بنا

النشرات-الاخبارية

podcast widget youtube

تابعونا على الفايسبوك

spotify podcast widget

مشروع-اصلاح

moudawna

mithek

tun2

talab

maalouma