البث الحي

الاخبار : أخبار ثقافية

بعض أسرار الفنان المسرحي والفكاهي الهادي السملالي في الذكرى 28 لرحيله

لبوابة الإذاعة التونسية : عبد الستار النقاطي

مرت هذه السنة الذكرى المائة لميلاد الفنان المسرحي والفكاهي القدير الهادي السملالي وهو مولود  في جانفي سنة 1919 بنهج السواحل بتونس العاصمة من أب مغربي وأم تونسية وقد غادرنا في أوت  سنة 1991  … نشا السملالي فقيرا وبالتالي لم يستطع مواصلة دراسته التي كان لا يقدر عليها أيام الاستعمار إلا أبناء الطبقة البورجوازية رغم نجابته ،فشجعه والده في البداية على الاشتغال بصناعة النجارة تطبيقا لوصيته (يوفى مال الجدين وتبقى صنعة اليدين ) والى جانب هذا العمل كان يدور في مخيلته هاجس آخر هو الشهرة في ميدان الفن ، فتحقق له ما أراد مما جعل مسيرته الفنية تفوق النصف قرن، فقد  قضى هذا الفنان القدير أكثر من 50 سنة في المسرح  جلها في فرقة مدينة تونس، كما أدى  وكتب عشرات الأغاني الفكاهية ، إلى جانب بعض الإعمال التلفزية على غرار مسلسل  » الرجوع النهائي » … وحتى تتعرف عليه أجيال اليوم من الشباب نعطيكم في هده المساحة فكرة مختصرة عن مسيرته استنادا إلى مقال مطول نشرته « مجلة الإذاعة والتلفزة  » في عددها الصادر يوم 18 أوت 1991 …

أحب المرحوم الهادي السملالي المسرح كثيرا مما أرغمه على مقاطعة عمله « كنجار » ليلتحق بفرقة الفنانة وسيلة صبري للتمثيل ، حيث أسندت له في البداية دورا ثانويا ، ثم دور البطولة في مسرحية  » سرور  » بعدما أصيب بطل المسرحية نورالدين بن رشيد بوعكة صحية ، وهي مسرحية مصرية مقتبسة من كتاب ألف ليلة وليلة » وتم تحويل النص والحوار إلى اللهجة التونسية و »سرور » هو اسم لعبد اسود ويعتبر العمود الفقري للمسرحية ، ومن فرط إعجابه بالدور حفظه عن ظهر قلب كم أداه باقتدار في أول عرض ، وقد ساعدته على النجاح حركاته التلقائية المضحكة ولباسه ووجهه الأسود من خلال « الماكياج »، مما جعل من شاهده من الجمهور ظنه بالفعل اسود اللون …

بطل الموسم …

سنة 1947 واثر خلاف بين جمعية الاتحاد المسرحي والبلدية شن الممثلون المحترفون اضرابا ثم انسلخوا عن الاتحاد وكونوا جمعية  مسرحية جديدة ، ولكن الممثل الهادي السملالي تشبث بالعمل في جمعية »الكوكب التمثيلي » لأنه أحبها وتعلم فيها المسرح على قواعد صحيحة ، فشجعه رائد المسرح الأستاذ محمد الحبيب واسند له دور البطولة في مسرحية « موليار »  التي عرضت كثيرا، مما جعله يتفوق و ينال النجاح ويكون بطل الموسم

المسرح أولا وأخيرا …

في بداية الخمسينات قررت بلدية تونس إنشاء فرقة مسرحية تابعة لها فتعاقدت مع المخرج المصري زكي طليمات لهذا الغرض ولكنه لم يجد في المجموعة التي كونها من يتقن دور  » تنسلو قوقو « فاقترح عليه الأستاذ محمد الحبيب الممثل الهادي السملالي ، فوافق المخرج  على ذلك وسلمه الدور كتجربة لكنه  ، سرعان ما حفظه فألحقه المخرج بفرقة مدينة تونس التي تقمص فيها عديد الأدوار في مسرحيات « تاجر البندقية » و »صقر قريش » و » عبد الرحمان الداخل » والحجاج ابن يوسف » وكلها من إخراج زكي طليمات .. وفي بداية الاستقلال قرر مجلس  بلدية تونس إعادة هيكلة الفرقة المسرحية ، فكلف محمد عبد العزيز العقربي بإدارتها بمساعدة المخرج المصري زكي طليمات ، فكان الهادي السملالي أحد عناصرها البارزين بعقد قيمته (  17 دينار و500مليم ) وواصل الرحلة إلى حدود سنة 1983 تاريخ مشاركته في مسرحيّة « يوليوس قيصر » إخراج محمد كوكة ، دون أن ننسى دوره الشهير « الكوبورال شاف » في مسرحية « الماريشال » بطولة حمدة بن التجاني ومنى نورالدين وإخراج علي بن عياد والتي مازالت تبث إلى الآن وتجد التفاعل من الجمهور.

على خطى صالح الخميسي   …

والمتأمل في مسيرة الفنان المبدع الهادي السملالي يجد أن نشاطه لم يقتصر على المسرح بل الغناء أيضا وخاصة الفكاهي الساخر، الذي بدأه سنة 1938 متأثرا بصديقه رائد هذا الفن صالح الخميسي  وقد قام  بجولة فنية قادته إلى الجزائر ، وكان في آخر كل الحفل يقدم خطبة قصيرة ، يحرض فيها الجمهورعلى مقاومة المستعمر الفرنسي ، فتفطنت له السلطات الاستعمارية واطردته من الجزائر… وفي الحوار الذي نشرته مجلة « الإذاعة والتلفزة » قال : حبي لأداء الأغاني الفكهة ذات المواضيع الساخرة التي يحبها الجمهور ويقبل عليها جعلتني أعود في بداية الخمسينات إلى أداء هذه الأغاني وكانت البداية بأغنية  » الله يرحم سيدي سعد باباك » للفنان الليبي البشير فهيمة ، كما اشتركت في أداء عديد الأغاني مع صديقي صالح الخميسي ويضيف : ونظرا لقلة المؤلفين الذين يتعاملون مع هذا النوع من الغناء الجماهيري ونظرا لصعوبته ولتطلبه التجديد باستمرار، اضطررت إلى كتابة أغاني بنفسي مثل « عندي ولدي ياحضار » و  » فا ش مطلوب » وقد لحن لي رضا القلعي جلّ الأغاني ، الذي كنت علمته في صغره حرفة النجارة وهو في البدايات بمعية أخيه محمود  نزولا عند رغبة والدهما ، والطريف أنهما كانا ينادياني « يا عرفي ».

سر علاقته بالبلدية …

في كتيب نشره الصحفي محمد السقانجي سنة 1983 بمناسبة تكريم الممثل الهادي السملالي من قبل فرقة مدينة تونس قال متحدثا عن نفسه :عندما ولدت سجلني والدي في دفاتر الحالة المدنية وعندما تزوجت سجل شاهد العدل « الصداق » في البلدية ، وعندما كتب لي أن استقر في العمل انضممت إلى الفرقة البلدية ، وعندما تحضر الساعة ستستقبلني البلدية وستخصص لي مكانا محترما في احد مقابرها …وهو ما حدث فعلا فقد دفن بعد وفاته في مقبرة الجلاز يوم 14 أوت 1991 وقد ابنه وقتها الأديب عزالدين المدني رئيس اللجنة الثقافية لمدينة تونس  رحم الله هذا الفنان الضاحك الذي لطالما أمتع الجمهور بأعماله المسرحية والغنائية الفكهة التي مازلت تبث إلى اليوم ويتفاعل معها الجمهور.

بقية الأخبار

اتصل بنا

النشرات-الاخبارية

podcast widget youtube

تابعونا على الفايسبوك

spotify podcast widget

مشروع-اصلاح

moudawna

mithek

tun2

talab

maalouma