البث الحي

الاخبار : أخبار ثقافية

عبد السلام البش 2

الممثل عبد السلام البش كوميدي على الخشبة وإنسان بشوش في الحياة

إن كانت بدايات الممثل الكوميدي القدير عبد السلام البش من خلال المسرح الركحي ثم المسرح الإذاعي مع فرقة الإذاعة للتمثيل سنة 1957 ، فان جمهور النظارة عرف ذلك الممثل المسرحي الكوميدي ، من خلال التلفزة التونسية وبالتحديد عندما تقمص دور « كمّوشة  » في تلك السلسلة التلفزيونية الدرامية التي بثتها التلفزة التونسية في السبعينات ، وكانت موجهة في الأصل للأطفال ، وكان ذلك الدور لعجوز صعبة المراس و شمطاء تتعامل بقساوة مع المحيطين بها ، ومن حسن الصدف أن ذلك الدور نال نجاحا منقطع النظير ، بالرغم من انه معقد و جديدعلى الساحة المسرحية التونسية في ذلك العهد ( ذكر يتقمص دور أنثى) وكانت بالتالي مغامرة غير محسوبة العواقب ، راهنت عليها التلفزة الوطنية والمخرجة فاطمة اسكندراني ، ولكن موهبة عبد السلام البش وعفويته وقدرته الفائقة على تجسيد ذلك الدور المعقد ، جعلته يتجاوز  » المحظور » ويصنع لنفسه مجدا فنيا ظل راسخا في أذهان عشاقه إلى اليوم ، بالرغم من انه كان من بين أبطالها الممثلة القديرة جليلة بكار، ولكن المخرجة ارتأت أن يتقمص الدور المركب رجل. وبمناسبة الذكرى الأربعين لوفاته  « بوابة الإذاعة التونسية «   تسلط الضوء على هذه الشخصية المرحة التي مازالت راسخة في بال المشاهدين وخاصة عندما تعيد القناتين الوطنيتين (1او 2 ) أحد الأعمال التي شارك فيها الممثل القدير عبد السلام البش « كموشة » أو  » عمتي عيشة راجل  » . ولد المرحوم عبد السلام البش في 27 نوفمبر 1917 بصفاقس وهو ابن البشير البش الذي يعتبر بحق فنان بصيغة الجمع ، فقد كان ممثلا ومطربا ومديرا فنيا لعدة جمعيات مسرحية في صفاقس ، وكان يحمل معه ابنه عبد السلام  إلى الأنشطة المذكورة ، فكبر الطفل وهو يشاهد أباه يمثل ويستمع إليه يغني ، إلى جانب قدرته الفائقة على إدارة العديد من الفرق المسرحية ، فتأثر به كثيرا ، وبلغ به ذلك التأثر بالفن إلى حد الانقطاع عن الدراسة والتحق بالتمثيل وهو في سن السابعة عشر من عمره . هكذا كانت البداية … وفي مقال كتبته المربية والصحفية عروسية الرقيقي ونشرته مجلة « الاذاعة والتلفزة » التونسية في العدد (1357) بتاريخ 16 افريل 2005 بمناسبة الذكرى 26 لوفاته قالت : أول ظهور للمثل الهاوي عبد السلام البش كان سنة 1934 في جمعية  » النجم التمثيلي » بصفاقس، وبعد مضي ثماني سنوات من النشاط ، قررت الجمعية المذكورة إحياء ذكرى والده الممثل القدير البشير البش ، بإعادة تمثيل بعض الروايات فوقع الاختيار على ابنه عبد السلام ليتقمص تلك الأدوار ، فلعبت الأقدار دورها ، فتقمص الابن ادوار أبيه في كل المسرحيات ومن أبرزها مسرحية  » روميو وجولييت  » التي تقمص فيها عبد السلام دور « روميو » وكان اختيار مدير الجمعية مدروسا ، لان المسرحية فيها مقاطع غنائية والابن ورث عن أبيه حلاوة الصوت أيضا ، ومن هذا المنطلق كان الاختيار صائبا والتكريم للسلف جيدا ، وبالرغم من عذوبة صوته إلا أن عبد السلام البش اختار التمثيل الذي كان مولعا به لحد الهوس . طموحه أوصله إلى المسرح الإذاعي … بعد ذلك النجاح الذي ناله بمناسبة تكريم جمعية  » النجم التمثيلي » لوالده البشير البش (رحمه الله ) كان طموحه اكبر من أن يواصل نشاطه بصفاقس ، فقرر سنة 1957 التحول إلى تونس العاصمة ، ومن حسن الصدف أن يكون المختار حشيشة رئيس مصلحة التمثيل بالإذاعة الوطنية التونسية ، فأجريت له تجربة صوتية كانت ناجحة ، وانضم بعدها إلى فرقة الإذاعة للتمثيل ، وقد شد انتباه زملائه الممثلين بأسلوبه المرح وبإنسانيته الفياضة كما شد انتباه المخرجين ، بتقمص الأدوار الكوميدية إلى جانب خفة البداهة والذكاء بالإضافة إلى إجادته التمثيل في المسرح الإذاعي بالفصحى وبالدارجة على حد سواء ، مما جعله يتألق في صلب فرقة التمثيل الإذاعة للتمثيل ، إلى جانب نجاحه أيضا في فرق مسرحية أخرى على غرار »المسرح الشعبي » وفرقة  » أنصار المسرح » … ممثل قدير ومتعدد المواهب … تأقلم الممثل عبد السلام البش بسرعة مع الأجواء المسرحية والفنية في العاصمة ، وبفضل تعدد مواهبه ( التمثيل والكوميديا والكتابة والغناء والشعر ) وقد ساعدته تلك المواهب على جعله من العناصر الفاعلة في تنشيط الحركة المسرحية وتجديد العلاقة بين المسرحي والمتلقي مما جعل الجماهير تقبل على مشاهدة أعماله بأعداد غفيرة ، خاصة وقد كان يتميز بشخصية مرحة وخفيفة ظل وكوميدية مضحكة في مواقفها ، كما كان يجهد نفسه في التمارين لحد الإعياء ، ولكن حالما يكون على الركح ينسى أتعابه ويندمج مع الدور بكل نشاط وحيوية . متيم بحب الشعر دون كتابته … وفي المقال نفسه تضيف عروسية الرقيقي : لم يكن الممثل عبد السلام البش يكتب الشعر ولكنه كان يحفظه ويردده طوال الوقت ، فقد كان من المولعين بالمطالعة وقراءة المجلات الفنية ودواوين الشعر ، ومن عشاق الشعر القديم لأبي نواس والمتنبي ومن المعجبين بأمير الشعراء احمد شوقي ، ومن تونس كان ميالا لشعر أبي القاسم الشابي ، أما زبدية بشير فقد كانت من ابرز الشاعرات التونسيات عنده ، وقد أطلق عليها لقب شاعرة الوجدان … رجال في ادوار نساء … في ملف أعددته ونشرته مجلة « الإذاعة والتلفزة » في العدد (1432 ) بتاريخ 23 ديسمبر 2006 ، أكد لي أهل الميدان أن فكرة تقمص الرجل لدور المرأة ، كانت قبل الاستقلال للضرورة ، لان ممارسة التمثيل من قبل النساء في ذلك الوقت كان عيبا في المجتمع ، فالتجأت العديد من الفرق المسرحية آنذاك إلى بعض الرجال للقيام بذلك الدور ، وقد كان المسرحي المنجي بن يعيش أول من تقمص دور المرأة ، وبعده كان الممثل الكوميدي الكبير عبد السلام البش في مسرحيتي  » كموشة » و » عمتي عيشة راجل » ، وقد أبدع في ذلك الدور بالرغم من أن هناك ممثلات معه في تلك الإعمال التلفزية المذكورة ، وبعد ذلك تقمص الدور كل من الكوميدي محمد الحداد والممثل الأمين النهدي ، ثم المنجي العوني ونورالدين بن عياد ورؤوف بن يغلان وعبد القادردخيل ولسعد بن يونس ، وكان ذلك من باب التجربة للتنويع في الأدوار لا غير . وبما آن لكل بداية نهاية فقد رحل الممثل القدير عبد السلام البش يوم 4 افريل 1979 ولكن أعماله بقيت حية وكلما أعادت التلفزة التونسية بقناتيها احد أعماله ، إلا ووجدت التفاعل نفسه من قبل النظارة حتى من أجيال اليوم ، لأنه كان بحق ممثلا كوميديا على الخشبة أو أمام الكاميرا ومن عرفوه عن قرب أكدوا انه كان إنسانا بشوشا في الحياة .

عبد الستار النقاطي

بقية الأخبار

اتصل بنا

النشرات-الاخبارية

podcast widget youtube

تابعونا على الفايسبوك

spotify podcast widget

مشروع-اصلاح

moudawna

mithek

tun2

talab

maalouma