البث الحي

الاخبار : أخبار ثقافية

محمد التريكي

محمد التريكي قاد الفرقة الموسيقية التي أحيت أول حفل لتأسيس الإذاعة التونسية

لبوابة الإذاعة التونسية : عبد الستار النقاطي
يبقى الموسيقار العميد محمد التريكي من ابرز الموسيقيين التونسيين وشاهد على العصر بأتم ما في الكلمة من معنى ، فقد عاش قرنا من الزمن ، وترك رصيدا هائلا من الأعمال الموسيقية تعليما وترقيما وتلحينا وغناء … أتقن العزف على آلة « الكمان » ودرس طريقة عزفها ، كما درس المواد الموسيقية في إطار المعهد الرشيدي ومعاهد التربية والتعليم ، حيث تتلمذ على يد العديد من الموسيقيين التونسيين ، واشرف على تدوين الموسيقي لنوبات « المالوف التونسي » كما لحن مجموعة من الأزجال والأغاني العتيقة و »الفوندوات » لحن أيضا الأغاني العاطفية والقصائد والموشحات بالإضافة إلى الأناشيد والموسيقى العسكرية ، إلى جانب تلحينه  » لاوبيريت » المسرح كما وضع أول لحن للموسيقى التصويرية، لفيلم » مجنون القيروان » وهو أول فيلم تونسي صور قبل الاستقلال .
وبمناسبة الذكرى 21 لرحيله نسلط في  » بوابة الإذاعة التونسية  » الضوء على المحطات المضيئة في حياة هذا الموسيقار الكبير الذي عاش قرنا في الحياة وترك رصيدا هائلا من الأعمال الموسيقية المتنوعة عزفا وتعليما وكتابة وتدوينا وتلحينا .
ولد محمد التريكي سنة 1900 بتونس وتعلم القران الكريم بكتاب سيدي حمد بمنطقة سيدي البشير بالعاصمة وتعلم المالوف عند الشيخ الصادق الفرجاني ، كما انظم إلى مجموعة العيساوية مع محمود الزين والطيب الشاذلي ومحمود بلاغة وعمره 9 سنوات وقد كان يرافق والده شيخ العمل بزاوية سيدي بوقميزة بالمركاض لحضور حلقات الحضرة والطرق الصوفية .
هكذا كانت البداية …
وفي حديث أجريته له ونشرته مجلة « الإذاعة والتلفزة  » في (العدد 717 ) جانفي سنة 1990 عندما سُمي في بداية سنة 1990مستشارا للمدير العام لمؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية مكلفا بالموسيقى ، وقد بقي ذلك الحديث المطول بمثابة  » الوثيقة والمرجع » فلم يجر له أي حديث بعده ، وقد أعادت المجلة نشره كاملا في (العدد 1036) بعد وفاته في فيفري سنة 1998 وعن بداياته قال : تعلمت مبادئ الموسيقى على آلة  » الكمان » على يد أساتذة فرنسيين يعتبرون من خيرة أساتذة الموسيقى وهم :  » فيسكي » و » لافاج » و » فنون دابا » أما عن الموسيقيين العرب فتعلمت على يد الأستاذ سلامة حجازي والموسيقار المصري احمد فاروز وهوعازف عود قدير ويحفظ جيدا ادوار سيد درويش العشرة ، فأعجبت به وطلبت منه أن يعلمني تلك الأدوار سنة 1927 تعلمت « الفوندوات » عند محمد المغيربي وقد كان رئيس الفرقة الموسيقية الخاصة بمحمد الهادي باي ، ، كما تعلمت العزف أيضا عند عبد العزيز الجميل  » الذي كان يملك محلا لبيع وإصلاح الآلات الموسيقية ، وكنت لا أضيع أي فرصة تتيح لي للاحتكاك بأي موسيقي أوعازف أوملحن بحثا عن مزيد إثراء تجربتي ، وها أن اليوم عمري تسعون سنة ومازلت أتعلم …
كان في بداية حديثه معي شديد الإعجاب بالشيخ سيد درويش ، فسألته عن سر هذا الانبهار فأجاب : يعتبر الشيخ سيد درويش احد رواد الموسيقى العربية ، فهو نابغة وفنان موهوب وله إحساس مرهف والحان في غاية الرقة والإبداع والإمتاع ، وهو نابغة طور الموسيقى العربية وطعمها بقواعد غربية ، لكنه حافظ على درجاتها ونغماتها ، وقد شهدت الموسيقى العربية فترة انتقالية في حياته الفنية لم تشهدها من قبل ، بالإضافة لحفظه لعشرة ادوار وقد لقنها لي العازف احمد فاروز مثلما أسلفت الذكر وهذه اشهرها  » أنا هويت » … » ضيعت مستقبل حياتي في هواك »… »الحبيب للهجر مايل »…قوامك يعجبني « …
أول ألحانه …
وإجابة عن سؤال حول أول لحن وضعه ومن أداه قال : أول مطربة لحنت لها هي دليلة الطليانة كان ذلك سنة 1936 ، عندما كانت مشهورة والأغنية هي « محلاها المنقالة في يدك » كما لحنت أيضا لحبيبة مسيكة ولصليحة وشافية رشدي وحسيبة رشدي وعلي الرياحي وسلاف ونعمة وعلية وهناء راشد وكمال رؤوف ، وآخر مطربة شابة لحنت لها هي سنية مبارك أغنية  » تتفتح لشكون يا زهر الليمون  » وهي من كلمات الشاعر محمد بوذينة ، وأضاف ولي مع هذه المطربة الشابة قصة فقد كنت اعرف جدتها وهي صاحبة صوت طربي وقوي يشبه صوت أم كلثوم ، أما أكثر الحاني فكانت للرشيدية …
أول حفل للإذاعة كان سنة 1938 …
وبخصوص علاقته بالمطربة صليحة وعن أول حفل أحيته هي وقاد هو الفرقة الموسيقية قال : كانت رغبة المشرفين على الإذاعة وخاصة أول مدير للقسم العربي الأستاذ عثمان الكعاك هو أن يقام حفل بالمسرح البلدي بعد التدشين الرسمي لمحطة  » تونس البريدية  » من قبل وزير المواصلات الفرنسي آنذاك ، فتم الاختيار على فرقتي الموسيقية وعلى صوت المطربة صليحة وقد حضر ذلك الحفل بالخصوص مصطفى صفر رئيس الرشيدية والباجي الصرداحي أول من اكتشف المطربة صليحة ، وبعد ذلك الحفل التقيت بها ولحنت لها عدة أغان اذكر منها : « عيون سود » كلمت الشاعر محمد المرزوقي … » لا أنت بالوصال تهنيني » كلمات الشاعر محمود بورقيبة … « متزغردة يا عازبة مبسوطة  » كلمات الشاعر الحاج عثمان الغربي … » عش بالوصال  » كلمات الشاعر جلال الدين النقاش …
الأغنية اللغز …
لئن تكتم الموسيقار محمد التريكي في الحوار الذي أجريته معه عن قصة الأغنية اللغز « زعمة يصافي الدهر يا مشكاية » إلا آن الكاتب والناقد الصحفي عبد المجيد الساحلي كتب عنها قائلا : ستظل أغنية  » زعمة يصافي الدهر » درة العصر فسبب تلحينها يعود إلى أن محمد التريكي في شبابه عاش أعنف قصة غرامية مع ابنة الجيران ، كان ذلك في أواخر العشرينات ، ولكنه عندما حاول أن يتقدم لخطبتها ، اصطدم بنظرة الدون والاحتقار التي كان ينظر بها المجتمع التونسي لأهل الفن والموسيقى والمغنى في ذلك العصر، فضلا عن انه كان من العار آن تتزوج بنات العائلات في ذلك الوقت من فنان ، فحز في نفسه ذلك الموقف ويقال انه مرض ولازم الفراش ، من شدة تلك الصدمة التي لم يكن يتوقعها ، وقد زاره صديقه الشاعر محمود بورقيبة للتخفيف عنه ، ولما عرف سبب المرض كتب له أغنية  » زعمة يصافي الدهر » ولحنها هو بكل جوارحه وأدتها المطربة صليحة كما ينبغي ولعلها بقيت أحسن تذكار لقصة حب واقعية نهايتها مؤلمة …
أثار التريكي الموسيقية …
وفي المقال الذي صدر بمناسبة وفاة الموسيقار العميد محمد التريكي يواصل الكاتب الصحفي الساحلي الذي تتلمذ أيضا على يديه فقال: يعتبر الموسيقار محمد التريكي آخر مؤسسي الرشيدية وهم (79 شخصا) ينتمون إلى مختلف الشرائح الاجتماعية وكان هو من بينهم وقد انتصب الفقيد كأول أستاذ بهذا المعلم الموسيقي الذي تحول إلى معهد بعدما ضخت فيه الفنانة زكية المراكشي (شهرت شافية رشدي ) من مالها الخاص ما مكن المعهد من التجهيزات اللازمة ، وكان ذلك كعربون محبة ووفاء لرئيس الرشيدية مصطفى صفر الذي تبناها ، وكان الموسيقار محمد التريكي يدرس النظريات الموسيقية وأصولها العربية والتونسية بالإضافة إلى ما وضعه من الحان …وكان يرتاد أيضا مختلف النوادي الشبابية الموسيقية ، كما قام الموسيقار محمد التريكي بتعليم وتدريب الفرق الموسيقية النحاسية للحرس الوطني والشرطة ، وأنهى حياته متفقدا للموسيقى ومرشدا بيداغوجيا بوزارة التربية إلى أن أحيل على شرف المهنة ، وآخر خطة شغلها كانت سنة1990 كمستشار فني لدى الإدارة العامة لمؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية ، وهوالذي شهد الفقيد ميلاد هذين الجهازين الإعلاميين الكبيرين الإذاعة في 14 أكتوبر سنة 1938 والتلفزة التونسية في 31 ماي سنة 1966 ، كما عاصر الفقيد ابرز أعلام الفكر والفن أمثال الطاهر الحداد وأبي القاسم الشابي واحمد الوافي وجماعة تحت السور أمثال علي الدوعاجي وعبد الرزاق كرباكة والهادي العبيدي وبيرم التونسي ومحمد العريبي … رحم الله الموسيقار العميد محمد التريكي الذي عاش قرنا من الزمن وترك رصيدا هائلا من الأعمال الموسيقية تعليما وترقيما وتلحينا وغناء .

    بقية الأخبار

    اتصل بنا

    النشرات-الاخبارية

    podcast widget youtube

    تابعونا على الفايسبوك

    spotify podcast widget

    مشروع-اصلاح

    moudawna

    mithek

    tun2

    talab

    maalouma