البث الحي

الاخبار : أخبار وطنية

هيئة الحقيقة والكرامة

جلسة استماع علنية لصحفيين بخصوص تجاربهم المتعلقة بقمع النظام السابق لحرية الصحافة والتعبير

خصصت الجلسة المسائية من المؤتمر الختامي لأعمال هيئة الحقيقة والكرامة، امس الجمعة، للاستماع لعدد من الصحفيين الذين عانوا زمن الدكتاتورية من الاضطهاد والتضييقات الأمنية، حيث تحدث كل من منظوره عن تجربته الذاتية المتعلقة بقمع النظام السابق لحرية الصحافة والتعبير وتكميم الأفواه والتعتيم والأساليب المعتمدة في ذلك.
وفي أولى الشهادات المقدمة تعرض الصحفي محمد بنور إلى ما عايشه الصحفيون بعد الاستقلال من خيبة أمل في تكريس حرية الصحافة عقب الاستقلال زمن الرئيس بورقيبة منتقدا دور وزارة الإعلام انذاك في اصدار التعليمات بشأن كل ما يحصل بالبلاد.
وأضاف قوله إن الجيل المخضرم من الصحفيين الذين عايشوا فترتي الاستعمار والاستقلال تعرضوا إلى الرقابة والضغوط ما أجبر أغلبهم على مغادرة البلاد.
كما تعرض بنور إلى تجربة جمعية الصحفيين التي تم افتكاكها من السلطة سنة 1978 بانتخاب مكتب مستقل، مما حدا بالسلطة إلى مطالبته، باعتباره كان رئيس المؤتمر الانتخابي، باعادة الانتخابات وحل المكتب المنتخب، مضيفا أنه بسبب رفضه بقيت الجمعية دون مكتب تنفيذي إلى حدود سنة 1980
أما في زمن بن علي فقد أوضح أن الجميع استبشر ببيان 7 نوفمبر بما احتواه من نفس جديد، مؤكدا في المقابل أن منع أحد الصحفيين الأجانب من اجراء حوار مع أحمد المستيري جعله يقرر استئناف النضال من أجل حرية الصحافة.
وأكد أنه غير معني بالتعويض المادي باعتبار أن « النضال لا يشترى بالمال ونظرا لان التعويض المالي فيه استنقاص للعمل النضالي »، وفق رؤيته، ومعتبرا أنه « لولا وجود هيئة الحقيقة والكرامة لاندلعت حرب أهلية في تونس ».
وفي شهادته بخصوص منظومة التضليل الإعلامي، تعرض مدير تحرير جريدة الموقف سابقا منجي اللوز (جريدة ناطقة بلسان الحزب الديمقراطي التقدمي) إلى أساليب النظام في التضييق على الجريدة عبر رفع عديد القضايا ضدها (12 قضية) وحرمانها من الدعم والتعويض على الورق وخاصة بحرمانها من الاشهار الذي كانت تتحكم في توزيعه الوكالة التونسية للإتصال الخارجي.
واضاف إن محاولات خنق الجريدة امتدت عبر الرقابة التي يفرضها شرط الإيداع القانوني ومنع الترخيص لمدة وصلت في إحدى المرات إلى 15 يوما ثم الحجب في طور التوزيع ليصل في الأخير إلى محاولة اخراج الجريدة من مقرها.
واعتبر اللوز أن المناشدات لاعادة انتخاب بن علي التي أطلقها صهراه في سنة 2009 في صحيفتين تونسيتين، بالإضافة إلى أحداث الحوض المنجمي مثلا عنواني التفكك في منظومة الحكم ومهدا للثورة في 2011 التي لعبت فيها جريدة الموقف دورا كبيرا عبر شبكة مراسليها في الجهات التي انطلقت منها شرارة الثورة مضيفا أن جريدة الموقف عاصرت طيلة 30 سنة أهم معارك الحقوق والحريات في تونس وتكريس استقلالية عديد المنظمات على غرار الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وجمعية القضاة التونسيين.
ورأى اللوز أن جريدة الموقف كانت وريثة جريدة الرأي في انفتاحها على مستوى المضامين أو المحررين وكانت زمن صدورها منبر من لا منبر له مشيرا إلى أنها كانت طيلة عقود في عين الاعصار باحتضانها الصراع المرير الذي خاضه الشعب التونسي ونخبه السياسية من أجل الحرية والكرامة ومقاومة التضليل الإعلامي والرقابة والتضييق والتعليمات.
أما الصحفي ورئيس تحرير مجلة حقائق سابقا لطفي الحاجي فقد أفاد في شهادته بأن المنظومة القديمة كانت تشتغل في سبيل سيطرتها على الإعلام وفق طريقة منظمة وأساليب محددة انطلقت مع الرئيس الحبيب بورقيبة الذي كان يعتقد أن الدولة الحامية يجب أن تحجب المعلومة ولا تمكن مواطنيها إلا من المعلومة التي تراها صالحة لهم، مضيفا أن بورقيبة كان لا يتردد في املاء الخبر على مراسلي وكالة تونس إفريقيا للأنباء أو التدخل في مسار البرامج الإذاعية.
وتابع في ذات السياق أن الأسلوب الثاني الذي اعتمده بوقيبة تمثل في زرع المخبرين بهدف التنكيل بالصحفيين الخارجين عن المنظومة وهو أسلوب تجذر في زمن الرئيس الأسبق بن علي الذي طور قبضته الحديدية على الإعلام باعتماد معايير أمنية تتمثل في تحويل بعض الصحفيين إلى مخبرين أو دس الأمنيين في المشهد الإعلامي، مشيرا إلى أن الصحفيين الذين تجرأوا على السلطة كان مصيرهم الطرد بطريقة آلية.
كما لفت إلى الدور الذي لعبته الوكالة التونسية للاتصال الخارجي في شراء ذمم الصحفيين داخليا وخارجيا، لتجنيدهم من اجل كتابة مقالات ايجابية مقابل المال.
وتعرض الحاجي إلى مسار محاولاته صحبة عدد من الصحفيين لانشاء نقابة للصحفيين وما صاحبه من تضييق الأمر الذي دفع النظام سنة 2008 إلى تحويل جمعية الصحفيين إلى نقابة، معتبرا أن مؤتمر النقابة الانتخابي الأول مثل صفعة للنظام بالنظر إلى أنه أفرز مكتبا مستقلا أقلق النظام منذ اصداره تقريره الأول الذي اعتبره الحاجي السبب الرئيسي في الانقلاب على النقابة من قبل النظام.
وفي ذات السياق تطرقت النقابية والصحفية بالتلفزة الوطنية عضو نقابة الصحفيين التونسيين سكينة عبد الصمد إلى تجربتها في العمل النقابي قبل وبعد الثورة حيث أكدت أن انتخاب أول مكتب تنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين مثل صدمة للنظام بالنظر لأنه أفرز مجموعة من المستقلين، مضيفة أن النظام اعتمد في البداية التهميش ثم حاول احتواء أعضاء المكتب غير أنه فشل فقام لاحقا بتنظيم انقلاب على المكتب على اثر اصدار النقابة لتقرير خاص بالحريات.
كما تحدثت عن المؤتمر الاستثنائي الانقلابي الذي أفرز مكتبا منصّبا من قبل النظام في صيف 2010 مشيرة إلى أن المكتب التنفيذي الشرعي عاد إلى مقر النقابة بفضل الثورة التي تبنى مطالبها.
واستمرت التضييقات على الصحفيين بعد الثورة، وفق عبد الصمد، سواء في فترة الترويكا عبر حملات الشيطنة والتكفير ومحاولات التدخل في الخط الاعلامي لبعض مؤسسات الإعلام العمومي أو عقب انتخابات 2014
واعتبرت عضو نقابة الصحفيين التونسيين أن الاعلام العمومي مازال يحتاج إلى اصلاح فعلي رغم المكاسب التي تحققت، ملاحظة تراجع المرفق العمومي مما فسح المجال أمام الإعلام الخاص المتسم في أغلبه بالرداءة والاصطفاف السياسي.
ودعت إلى كشف الحقيقة بخصوص الوكالة التونسية للاتصال الخارجي وكشف القائمة السوداء الخاصة بالصحفيين الذين تعاملوا مع النظام السابق وابعاد الصحفيين المخبرين الذين مازال بعضهم يسيطر على مفاصل الإعلام إلى الآن.
وتعرض الصحفي فاهم بوكدوس والمدير التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إلى تجربته مع نظام بن علي إبان عمله السري أو العلني في تغطيته لأحداث الحوض المنجمي التي أدت به إلى دخول السجن في أكثر من مناسبة كانت آخرها قبيل الثورة حيث خرج منه خمسة أيام بعد الثورة (19 جانفي 2011).
وسرد تجربته مع موقع البديل التونسي وقناة الحوار سنوات 2006-2009 التي عرفت أوجها مع انطلاق أحداث الحوض المنجمي سنة 2008 صحبة عدد من الصحفيين معتبرا أنها كانت تجربة شجاعة لكسر محاولات النظام في التعتيم على الحقائق.
كما تعرض إلى التضييقات التي طالته وطالت زوجته وافراد عائلته زمن الدكتاتورية وحرمته حتى من ليلة زفافه، معبرا عن استيائه من الأصوات التي تنكر على أمثاله الحق في التعويض عن الاضطهاد.
ودعا بوكدوس الجيل الحالي من الصحفيين إلى انجاح مسار العدالة الانتقالية لأنه سيمكن المواطن العادي من الانفتاح بكل ثقة على قطاعات الأمن والقضاء والإعلام، معتبرا أن ذلك « لن يتم دون مساءلة لحقبة مجرمة وفاسدة وان العدالة الانتقالية ليست فاصلا صغيرا بل هي أصل الانتقال الديمقراطي وهي تونس الجديدة ».

بقية الأخبار

اتصل بنا

النشرات-الاخبارية

podcast widget youtube

تابعونا على الفايسبوك

spotify podcast widget

مشروع-اصلاح

moudawna

mithek

tun2

talab

maalouma