يبدو مقداد السهيلي لمن لا يعرفه شخصا مشاكسا وسليط اللسان ، لكن الرجل عكس ذلك تماما فهو فنان بصيغة الجمع يكتب الشعر ويلحن ويمثل ويغني  ، وأحسن مثال على ما اقول هو انه عندما افلست شركته للإنتاج الفني سنة 1998 بسبب الديون المتراكمة لم يستسلم لقدره المحتوم ، بل هاجر إلى كندا وهناك غير اسمه إلى « ماك سيلي » واحترف اداء أغاني الجاز ونجح … سنة 2002 عاد الى تونس من جديد وواصل المشوار… سنة 2008 ركز نشاطه على العمل النقابي … وفي انتخابات سنة 2014 تقدم للانتخابات التشريعية  بقائمة « صوت الفنانين » وكان من بين النقاط التي طرحها اعداد نظام اساسي للفنان حتى لا يبقى يعيش على هامش الدورة الاقتصادية، جديد مقداد السهيلي هذه السنة العرض الفني « للحب والسلام  » الذي سيقدم على ركح المسرح الاثري بقرطاج  يوم 10 اوت 2017 .

لبوابة الاذاعة التونسية : عبد الستار النقاطي

لو تقدم لنا عرض للمحبة والسلام كيف بدأت الفكرة؟

عرض « للحب والسلام  » سيكون في شكل كوميديا موسيقية ، وهو يحتوي على 17 قطعة 16 اغنية ومعزوفة وكلها من الحاني ، والتوزيع كان لأسامة المهيدي والتنفيذ الموسيقي سيكون للفرقة التي تضم 27 عازفا من المع وامهر العازفين مع 8 كورال  بقيادة المايسترو محمد الغربي، إلى جانب لوحات راقصة سيؤديها 20 راقصا وراقصة بإدارة الفنان لطفي بوسدرة  والإخراج سيكون للبشير الزمزمي ، كما اخترنا اثنين من امهر مهندسي الصوت في تونس هما نصرالدين حداد وأنيس السبوعي حتى يتم العرض كأفضل ما يكون…

 اما الفكرة فقد بدأت مع الدكتور محمد بن صابر وهو مختص في التغذية ، و شاعر فذ يكتب بالعربية والفرنسية وهو وعضو رابطة الادب الحديث وبدأنا بقراءة وترجمة النصوص لكبار الشعراء  وما اكتشفته هو ان الشعراء مهما اختلفت أجناسهم وألوانهم، هم يتكلمون لغة واحدة وهي لغة الحب والسلام  ومن هذا المنطلق  اخترنا اهم القصائد  لأبرز شعراء العالم فاخترنا من الهند « طاغور » ومن ألمانيا « قوتة « ومن السنيغال « سانغور » ومن ايطاليا « دانتي الياري » ومن الصين « يانكي » ومن النمسا « لوران » ومن اليابان « كوبودايشي » ومن روسيا « بوشكين »  » بلغاريا « لافاروف » ومن تونس ابو القاسم الشابي ومن تركيا توفيق فكرة ومن سوريا نزار قباني …

لماذا اخترت اسماء هاوية لأداء اغان لكبار الشعراء في العالم ؟

سؤالك في محله …الاختيار مقصود وقد اردت ان افرد الاصوات الشابة الصاعدة لهذا العمل ، على غرار اية دغنوج ومروى قريعة محمد علي شبيل ورياض العروس وهم من خيرة الاسماء التي سيكون لها شان في المستقبل .

قلت ان العرض لن يكون كالمعتاد فماذا تقصد بذلك ؟

لأنه ليس حفلا على الطريقة الكلاسيكية  المعروفة … فرقة ومطرب وزربية مفروشة ومنشط يقدم الحفل … لا…في عرض للحب والسلام الركح سيكون للرقص والتمثيل والغناء  والفرقة الموسيقية ستكون في أسفل الركح …

وفي هذا كله أين يوجد مقداد السهيلي ؟

بما اني صاحب الفكرة والتصور العام للحفل … سأكون خلف الجميع  والعين الساهرة على كل شيء

وأخيرا تحقق حلمك بعرض هذا العمل في قرطاج ؟

نعم وكل الشكر والتقدير لمدير المهرجان الأستاذ المختار الرصاع والفريق العامل معه ونأمل ان نكون عند حسن الظن … وان ينال العرض رضاء الجمهور …

ولماذا لم يبرمج العرض إلا في قرطاج ؟

قدمت ملفات لكل المهرجانات وأنا مستاء جدا لان العرض لم يبرمج خاصة في الحمامات فهذا المهرجان مختص في العروض المسرحية وتغييب هذا العمل في الحمامات هو تجني عليه لأنه عرض جيد وبعدما اطلعت على البرمجة وجدت عروضا اقل قيمة منه ، وتأكدت بعد ذلك ان البرمجة في المهرجانات الدولية يطغى عليها الارتجال والفبركة … وبالمقابل العرض  تمت برمجته  في اوبيرا القاهرة وفي أمريكا وقد قامت السيدة اسيا الرحالي المكلفة بإدارة أعمالي الفنية باتصالاتها  ، كما سيتم تصويره في القناة الثانية الفرنسية ، والشكر للمخرج محمد نجيب بن عزوز الذي بذل مجهودات كبيرة في هذا الجانب .

اطلعتني قبل الحوار على تمثال علي الرياحي ولكنك كنت فرحا ومستاء في الوقت نفسه ؟

فرحت وبكيت في الوقت نفسه … فرحت لان الحلم تحقق وأنجز التمثال الذي كان افضل مما تخيلت وحلمت لقد نفذ بحرفية كبيرة وبأنامل النحاتة الصينية ، وبالمقابل وجدت عراقيل كثيرة ولامبالاة وعدم التجاوب والتفهم حتى من الوزارة نفسها،  فانا عندما أردت انجاز تمثال علي الرياحي هذا الفنان الكبير الذي مات وهو يغني على الركح ، كانت لبنة اولى لانجاز  متحف كبير للنجوم وفي جميع المجالات ، فبلد في عراقة تونس وتاريخها التليد وماضيها المجيد  حري بها أن يكون لها متحف كبير في جناح خاص به ، خاصة وان مدينة الثقافة ستكون جاهزة سنة 2018 … ويتوقف عن الكلام ثم يقول : أما لماذا بكيت ؟ فلان في مفهومي الثورة بناء وتأسيس وليست عراقيل و تهديم والفنان يعمل من اجل الوطن والأمة  ولكني وجدت نفسي كمن يحرث في البحر…توقف مرة اخرى عن الكلام ثم ضرب بقوة على طاولة مكتبه وصاح لن استسلم  فكلما تعرضت للعراقيل ازددت اصرارا على النجاح

 انتظرته حتى هدا وسألته ما هي التكلفة الكاملة لتمثال علي الرياحي ؟

32 الف دينار دفعت منها أنا 10 آلاف دينار والبقية مازالت كريدي …

التمثال الاول لم يدفع ثمنه بالكامل  وتتحدث عن متحف كبير للنجوم ؟

اطلق زفرة طويلة ثم قال : ذكرتني بالمليار الذي يهدى في حصص الألعاب التلفزية  … وأضاف بحماس وبفرح طفولي … اه لو تخصص الدولة هذا المبلغ سننجز احسن متحف في الوطن العربي ، خاصة وان لتونس نجوما في جميع المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية والرياضية ،  وهذا المشروع سيدر على الدولة  اموالا طائلة من العملة الصعبة ، فالسائح عندما يزور بلدا يريد ان يتعرف على تاريخه وأثاره وتراثه ، أحسن مثال على ذلك اكبر المتاحف العالمية في فرنسا وانقلترا واسبانيا  لكن ما يؤلمني ان هناك مليارات تصرف دون جدوى .

العراقيل التي اعترضتك لم تحد من انجاز ما حلمت به ؟

مازلت مصرا على انجاز هذا الحلم « متحف النجوم » وبعد عرض قرطاج إن شاء الله ، سأتفرغ لإعداد حفل ضخم للاستقبال الرسمي لتمثال علي الرياحي  ، في تظاهرة فنية كبيرة تليق بتاريخ هذا الفنان الكبير ، وسأدعو له رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان الى جانب اهل الثقافة والإعلام لان المتحف هو مشروع وطني .

ماذا حقق مقداد للنقابة وهو الذي وعد أهل الميدان بالكثير ؟

انا اعمل من اجل الاضافة للساحة الثقافية والموسيقية وهذه قناعتي… وغايتي هو تحدي الصعاب وعدم رمي المنديل امام كثرة المشاكل التي تعترضنا في النقابة  واعترف (اني مرمدي) وأفضل مشروع أنجزته الى حد الان هو النظام الأساسي للفنان ، وهذا المشروع  معمول به في أوروبا وفي المغرب أنجزوه ، و هذا المشروع  كان من بين النقاط التي وردت في مشروعي  عندما ترشحت للانتخابات التشريعية سنة 2014 بقائمة « صوت الفنانين » … اليوم ساهمنا في كتاباته وإعادة قراءته وسيعرض على رئاسة الحكومة ثم على البرلمان للمصادقة عليه ، هذا إلى جانب قوانين اخرى ستعرض على البرلمان لتطوير العمل النقابي ،على غرار نقابة المهن الموسيقية في مصر التي لها الضابطة العدلية ، هذا إلى جانب التحضير لتنظيم الملتقى العربي الاول للنقابات الفنية .

لماذا يتهكم البعض على النقابة في مطالبتها  بفرض الرسوم على الفنانين الأجانب ؟

لان الكثير من هؤلاء (ماهم فاهمين حتى شيء) العمل النقابي في تونس ابتدأ سنة 2007 مقارنة بنقابة الفنانين  بمصر التي تأسست سنة 1955 ، ففي تونس منذ الاستقلال  وزارة الثقافة هي المهيمنة على كل شيء  على العروض الفنية في الداخل وفي الخارج وعلى المطربين الاجانب وعلى بطاقة الاحتراف ولا توجد نقابة  عتيدة … اليوم النقابة موجودة وعليها ان تتقاسم الادوار مع الوزارة  وتفرض رأيها وتقف بالمرصاد لكل المتسللين (فالبلاد فيها عساس) .

هل انتهت الحرب الكلامية ان صح التعبير بين النقابة ومغنيي الراب ؟

لا توجد مشاكل شخصية مع اي كان خلافي معهم حول وضعيات مع ملفات ومشاريع وقوانين واحترام الذوق العام والملاحظ أن ما يقدم اليوم من البعض من هؤلاء والذين فرخو بعد الثورة وشجعتهم بعض الإذاعات الخاصة ، ليس فنا ( وفيه برشه قلة حياء) وأحسن مثال على ذلك الغاء عرض احدهم في كل المهرجانات التي برمجته بما فيها حفل قرطاج ، جراء بعض اغانيه التي تتهجم كلماتها على رجال الامن … وأضاف كل فنان بإمكانه الغناء  شرط أن لا يثلب الناس وان لا يتعدى على الأخلاق الحميدة  وهناك العديد من الاغاني الهابطة ذات الكلمات المبتذلة وهذا غير مقبول والنقابة ستكون لأصحابها بالمرصاد  كما نطلب من « الهايكا » التي أمست توزع رخص البث على كامل تراب الجمهورية على بعض الإذاعات الخاصة ، أن تشترط عليهم احترام الذوق العام وبث الاغاني التونسية بنسبة 60 في المائة  مثل ما هو معمول به في  شبكة القنوات التابعة للإذاعة التونسية  .