البث الحي

الاخبار : أخبار وطنية

هيئة-الحقيقة-والكرامة1

أحداث 26 جانفي 1978 محور جلسة الاستماع العلنية السادسة لهيئة الحقيقة والكرامة

خصصت هيئة الحقيقة والكرامة، جلسة الإستماع العلنية السادسة لضحايا إنتهاكات حقوق الإنسان، المنعقدة مساء الخميس بمركّب صندوق الحيطة والتقاعد للمحامين بالمركز العمراني الشمالي بالعاصمة لأحداث « الخميس الأسود » نظرا لتزامنها مع الذكرى 39 لهذه الأحداث الأليمة.
وتعود أطوار أحداث « الخميس الأسود » إلى يوم 26 جانفي 1978 حيث تم إعلان الاضراب العام بالبلاد التي استغلها النظام للتخلص من خصومه النقابيين ما أدى إلى سقوط 52 قتيلا و365 جريحا حسب إعترافات النظام آنذاك. وتدخل الجيش وتم إعلان الحالة الطوارئ ومنع التجوال بالطريق العام.
وجاء في تقديم الهيئة للسياق العام لأحداث يوم 26 جانفي 1978 الذي وصف « بالخميس الأسود » أن هذا اليوم « مثل لدى البعض طلاقا دمويا » بين الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب الاشتراكي الدستوري (الحزب الحاكم آنذاك) وعرضت الهيئة 6 شهادات لضحايا منهم من حضر الجلسة ومنهم من غاب عنها بسبب وفاته أثناء تلك الأحداث أو لأسباب صحية.
خير الدين الصالحي أول الضحايا الذين تولوا تقديم شهادتهم بخصوص أحداث يوم 26 جانفي 1978 روى أنه عند عودته يوم 25 جانفي إلى مقر سكناه بعد مشاهدته شريط سينمائي أخبره أمني بأنهم (يقصد الحكومة) لم يقرروا كيفية معاقبتهم (هو وباقي القيادات باتحاد الشغل) إما تقديمهم لمحاكمة أو تصفيتهم جسديا، مضيفا قوله « أشكرهم لكونهم قرروا إيداعنا السجن وإبقاءنا على قيد الحياة لنروي لكم حقيقة ما حصل ».
واعتقل الصالحي في الليلة الفاصلة بين 26 و27 جانفي 1978 من مقر الاتحاد العام التونسي للشغل مع من كان متواجدا من القيادات وتم استنطاقه في الإدارة الفرعية لأمن الدولة ثم أحيل على قاضي التحقيق الذي أصدر في شأنه بطاقة إيداع بالسجن.
ومثل الصالحي وهو من مواليد باجة يوم 16 جويلية 1933 ومتقاعد من وزارة المالية، أمام محكمة أمن الدولة مع عدد آخر من النقابيين لمقاضاتهم من أجل ارتكابهم لجريمة الاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وإثارة الهرج وحمل المواطنين على مهاجمة بعضهم بعضا وتعمد الاعتداء المقصود منه إثارة الهرج والقتل والسلب بتونس على معنى أحكام الفصل 72 من المجلة الجزائية.
وقضت محكمة امن الدولة في تاريخ 9 أكتوبر بعقاب خير الدين الصالحي ب8 سنوات أشغال شاقة.
أما محمد شقرون الضحية الثانية الذي أدلى بشهادته فقد داهم أعوان الأمن منزله يوم 29 جانفي 1978 واقتادوه إلى مقر فرقة سلامة أمن الدولة بوزارة الداخلية. ولدى إيقافه بالإدارة الفرعية لأمن الدولة واستنطاقه تعرض الضحية لشتى أنواع التعذيب باستعمال العصي والحبال وإخضاعه « لوضع الدجاجة ».
وتمت مقاضاة شقرون على معنى أحكام الفصل 72 من المجلة الجزائية شأنه شأن الصالحي وصدر حكم يقضي بعقابه ب5 سنوات أشغال شاقة إلا أنه أفرج عنه بعد سنتين وثلاثة أشهر.
في الشهادة الثالثة، قدمت سعاد قاقي ابنة الضحية سعيد قاقي، الذي توفي في 9 جانفي 1979 بعد معاناة من سرطان الرئة شهادتها فقالت إنها كانت تحظى رفقة أخواتها السبع وأخيهن بحب وعطف أبويين كبيرين وكان أبوها لا يميز بين أحد من أبنائه. ذكرت سعاد إن عائلتها عائلة « جربية » محافظة وكان والدها هو القائم بكل شؤونها، مضيفة أن العائلة فوجئت بغيابه لأكثر من شهرين دون معرفة وجهته ليعم العائلة قلق وحزن بالغين.
تحدثت سعاد عن المعاناة التي تعرض لها أفراد العائلة بعد أن عرفوا جهة اعتقاله. ففي زيارتهم له تعرضوا لأشكال شتى من التنكيل. اعتقل سعيد قاقي من مركزية الاتحاد العام التونسي للشغل يوم 27 جانفي 1978 وتعرض لأشكال تعذيب بشعة في غرف خاصة تراوحت بين تكتيف اليدين وإدخال قضيب حديدي تحت الركبتين والتعليق بين طاولتين لانتزاع اعترافات بالإكراه.
تدهورت الحالة الصحية لسعيد قاقي ولم يستجب طبيب السجن المدني بتونس لطلبه الخضوع للفحص وقد لخص الفقيد معاناته في رسالة بخط يده كتبها في 22 سبتمبر 1978 ووجهها إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
تمت مقاضاة سعيد قاقي على معنى أحكام الفصل 72 من المجلة الجزائية وقضت محكمة أمن الدولة بعقابه بستة أشهر مع الإسعاف بتأجيل التنفيذ. خضع الضحية إلى فحوص طبية بمستشفى أريانة للأمراض الصدرية أثبتت إصابته بسرطان الرئة مما عكر حالته الصحية فلازم منزله تحت الرعاية الطبية والعائلية إلى حين فارق الحياة.
الحالة الرابعة تعلقت بالتعذيب والايقاف التعسفي للضحية زهير بلخيرية الذي لم يتمكن من الحضور لتقديم شهادته لأسباب صحية فاكتفت الهيئة بعرض تسجيل مصور لشهادته، والضحية من مواليد 1956 بسوسة وهو ليس بنقابي بل فقط مصور يعمل لحسابه الخاص تم تكليفه زمن الواقعة بتغطية أنشطة المكتب الجهوي للإتحاد بسوسة وتوثيق الاضراب المقرر يوم 26 جانفي 1978، وقد تم القبض عليه في مساء ذات اليوم صحبة عدد كبير من النقابيين ونقلوا إلى مقر منطقة الأمن الوطني بسوسة أين تم حجز آلة التصوير الخاصة به وتعرض أثناء بحثه واستنطاقه إلى شتى أنواع التعذيب والضرب ثم أجبر على إمضاء محضر استنطاق تحت وطأة الاكراه.
وأضاف بلخيرية في شهادته أنه بعد 6 أشهر من الاحتفاظ خضع أثناءها إلى التحقيق القضائي أصدرت الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بسوسة حكمها بالتخلي لفائدة محكمة أمن الدولة لخروج القضية عن أنظارها ليتم الافراج عنه مؤقتا ثم انتهت المسألة بحفظ محكمة أمن الدولة التهمة في حقه لعدم توفر أركانها في نوفمبر 1978.
الضحية زهير بلخيرية تعرض في شهادته المصورة إلى حالة أكثر مأساوية من حالته باعتبارها تعلقت بحالة تعذيب أدى إلى وفاة الضحية النقابي حسين الكوكي وهو من مواليد 1942 بأكودة من ولاية سوسة، وقد تعرض بلخيرية إلى أطوار إعتقال النقابي حسين الكوكي في ما عرف بأحداث « الخميس الاسود » بعد محاصرة مقر الإتحاد العام التونسي للشغل بسوسة صحبة كافة أعضاء المكتب الجهوي ومورست عليه شتى أنواع التعذيب والتنكيل حتى أنه كان يعود إلى الزنزانة حبوا من شدة الألم ولعدم قدرته على الوقوف.
وأضاف بلخيرية أن زميله في الزنزانة حسين الكوكي أصيب بحمى شديدة يوم 15 فيفري 1978 حيث لم يستجب سجانوه لطلبه بعرضه على طبيب السجن وفور نقله يومها إلى المحكمة الابتدائية بسوسة أمر قاضي التحقيق بنقله إلى المستشفى الجهوي بسوسة حيث فارق الحياة مشيرا إلى أن تشريح جثة النقابي الشاب آنذاك أثبت وجود ثقب في الجانب الأيمن من صدر الضحية وعدة آثار عنف أخرى بجسده دون أن يترتب عن ذلك أي تبعات جزائية.
في الحالة السادسة المتعلقة بالتعذيب والمحاكمة غير العادلة تحدث الضحية النقابي محمد شعبان وهو من مواليد 1937 عن أطوار ايقافه غداة الاضراب العام صحبة المرحوم التيجاني البوكادي حيث تم نقله إلى مركز الشرطة بصفاقس أين تم استنطاقه ثم نقل إلى فرقة سلامة أمن الدولة بمقر وزارة الداخلية أين تم بحثه حول علاقته بالحبيب عاشور وبالنظام الليبي والأسلحة المخبأة بمقرات الاتحاد واخضاعه إلى تعذيب ممنهج ثم تمت إعادته إلى إدارة الأمن بصفاقس أين تعرض مجددا طيلة 10 أيام إلى التعذيب ثم تم الحكم عليه بسنتين سجنا قضاها متنقلا بين عدة سجون.
في أواسط جانفي 1980 تمتع محمد شعبان بسراح شرطي قبل 10 أيام من نهاية عقوبته ليفاجأ بطرده من عمله ولم يتمكن من العودة إلا في أواخر 1980 بعد عدة مفاوضات بين الاتحاد العام التونسي للشغل ووزارة الشؤون الإجتماعية لإعادة كافة النقابيين المطرودين على خلفية أحداث جانفي 1978.

بقية الأخبار

اتصل بنا

النشرات-الاخبارية

podcast widget youtube

تابعونا على الفايسبوك

spotify podcast widget

مشروع-اصلاح

moudawna

mithek

tun2

talab

maalouma